قواعد جديدة قد تحول السعودية إلى سوق توريق تتجاوز دول أوروبية

2025/05/01 17:13 توقيت العربي

تسعى السعودية إلى تحفيز إصدار الأوراق المالية المدعومة بالأصول، في خطوة يُتوقع أن تؤسس سوقاً تتجاوز في حجمها أسواقاً مماثلة في عدد من الدول الأوروبية، وفقاً لما يراه المشاركون في القطاع.

انتهت في 29 أبريل المهلة التي حددتها هيئة السوق المالية السعودية لاستقبال الملاحظات بشأن مقترحات تعديل القواعد المنظمة للكيانات ذات الأغراض الخاصة. وتوضح مسودة مشروع التعديل أن الغاية من التعديلات هي "تعزيز جاذبية المنشآت ذات الأغراض الخاصة ككيان قانوني لإصدار أدوات الدين والوحدات الاستثمارية؛ من خلال تحسين حوكمتها، وتطوير إجراءاتها، وتمكين عمليات التوريق".

تتيح عمليات التوريق التي تعتزم المملكة اعتمادها تجميع القروض، مثل الرهون العقارية، وبيعها على شكل أدوات مالية شبيهة بالسندات، عادةً عبر كيان ذي غرض خاص (شركة). وقال خبراء في القطاع إن التعديلات المقترحة على قواعد الكيانات ذات الغرض الخاص تُعد خطوة ضرورية لتفعيل استخدامها في صفقات التوريق.

لم تحدد الهيئة جدولاً زمنياً لدخول التعديلات حيز التنفيذ، لكنها تشمل تعزيز حماية حاملي أدوات الدين، ومعالجة تعارض المصالح.

رفض متحدث باسم الهيئة تقديم تعليق على الأمر.

تمويل مشاريع السعودية والمنطقة

يمكن أن يشكل ازدهار سوق الأوراق المالية المدعومة بالأصول في السعودية أداة فعالة للبنوك لتحرير ميزانياتها العمومية، في الوقت الذي تزداد فيه الحاجة إلى تمويل مشاريع البنية التحتية الكبرى ضمن "رؤية 2030" بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. كما يفتح هذا السوق الباب أمام شركات التكنولوجيا المالية الناشئة للحصول على التمويل اللازم للتوسع وسد الفجوات التي تعجز البنوك الكبرى عن تلبيتها، خصوصاً في قطاع تمويل المستهلكين.

وقال سامح حسن، المستشار الأول في شركة "إنترموني" (Intermoney) التابعة لمجموعة "جروبو سي آي إم دي" (Grupo CIMD) المتخصصة في التوريق: "هناك فرص ضخمة في السعودية لتوريق الرهون العقارية، وقروض المستهلكين، وقروض الشركات الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى تدفقات الإيرادات المستقبلية".

وأشار حسن إلى أن السعودية قد تتحول إلى مصدر رئيسي لصفقات التوريق، بما يفوق بعض الدول الأوروبية الكبرى، مضيفاً أن حجم الأوراق المالية المدعومة بالأصول المطروحة في السوق العامة بإسبانيا بلغ نحو 8 مليارات يورو (ما يعادل 9.1 مليارات دولار) خلال العام الماضي، وفقاً لبيانات جمعتها "بلومبرغ". وتابع: "إذا جرى تنفيذ الخطط بالشكل المناسب، فلا يوجد ما يمنع السعودية من أن تتفوق بفارق كبير".

نمو سريع لسوق الدين السعودية

بالإضافة إلى التعديلات المقترحة من قبل هيئة السوق المالية، أعلنت الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري، التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، أنها تعتزم تطوير سوق التوريق فور إقرار الأنظمة اللازمة، في دور شبيه بما تقوم به شركة "فاني ماي" (Fannie Mae) في الولايات المتحدة.

وسجّلت سوق الدين السعودية نمواً متسارعاً خلال السنوات العشر الماضية، بالتزامن مع تطور البنية التحتية المالية في البلاد. فقد ارتفع حجم الإصدارات العامة من السندات والقروض من مستويات شبه معدومة عام 2012 إلى نحو 84 مليار دولار في عام 2024، بحسب بيانات جمعتها "بلومبرغ".

ويتوقع خبراء السوق طفرة مماثلة في قطاع الأوراق المالية المدعومة بالأصول، مدفوعة بالحاجة التمويلية المتزايدة للمقرضين السعوديين، في ظل توجه البنوك الكبرى نحو تمويل المشاريع الضخمة ضمن "رؤية 2030".

وقال سليم ناثو، الشريك في شركة المحاماة "إيه آند آو شيرمان" (A&O Shearman): "يمثل التوريق فرصة هائلة في المملكة. فمع تركيز البنوك بشكل متزايد على تمويل المشاريع العملاقة، تراجع الاهتمام بتمويل الأفراد، ما يخلق فجوة يمكن لسوق التوريق أن تسدّها".

خيارات تمويل متنوعة

تسعى شركات تكنولوجيا مالية عدة إلى دخول السوق السعودية لطرح خيارات تمويل مبتكرة، تشمل قروض السيارات، وخدمات "اشترِ الآن وادفع لاحقاً"، والقروض الاستهلاكية غير المضمونة. ويرى سليم ناثو، الشريك في "إيه آند آو شيرمان" (A&O Shearman)، أن هذه الشركات مرشحة بشكل مثالي لتبني نموذج التوريق، نظراً لطبيعة أنشطتها القائمة على تدفقات نقدية متكررة.

وتتمتع شركات مثل "تابي" (Tabby) و"تمارا" (Tamara) بحضور قوي في السوق السعودية، حيث أبرمت كلٌ منهما صفقات تمويل ضخمة بالديون لدعم عملياتها، في وقت لجأت فيه شركات أخرى إلى تمويل مشاريعها من خلال بيع الأسهم.

لكن سامح حسن، المستشار الأول في "جروبو سي آي إم دي" (Grupo CIMD)، يرى أن التوريق قد يشكّل بديلاً أكثر جاذبية، قائلاً: "حتى الآن، اعتمدت الشركات في الغالب على التمويل من خلال بيع الأسهم". وأضاف: "في رأيي، تتماشى هياكل التوريق بدرجة أكبر مع المبادئ الإسلامية، لأن التدفقات النقدية فيها تستند إلى معاملات ترتبط بأصول محددة، بدلاً من الاعتماد على الوقت كمحدد للعوائد".

جريدة الإقتصادية